بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تكون الكلمات معبرة عن واقعنا
وعندما تعزف على اوتار قلوبنا
وتنتشى من قلوبنا ارق الهمسات وأصدق العبرات
عندما تحاكى حياتنا تحس بآالامنا أفراحنا حينها فقط تترك بصمات فى حياتنا
بصمات لها معنى ودلالة تؤثر فينا
((كثيرون ممن يمتهنون مهنة الأدب تموت أعمالهم تقريباً اذا هم ماتوا ورحلوا عن الدنيا خاصة في هذا الزمن الذي كثر فيه الأدعياء حتى في العلوم والآداب والفنون. لكن الأديب الحق يموت وتبقى أعماله نابضة بالحياة رغم مرور الزمن زاخرة بالمعاني الانسانية لمن يريد ان ينهل منها.))
أحقا هذا الكلام؟؟ ربما كنت أتعجب منه واتساءل هل هو حقيقى؟
بالفعل حقيقي لقد كثر الإدعاء بالثقافة بالعلم بالمعرفة لأسباب عدة مما جعل القصص تتشابه وتبور والأفكار تنضب ويبقى الفكر الحقيقى علامة مضيئة فى حياتنا
فهلموا معنا نأخذ فكرة عن بعض من هؤلاء الذين أثروا فكرنا حياتنا بأدبهم ومعرفتهم وقصصهم
نعرف لمحات عن من تركوا بصمات فى حياتنا
وتركوا أثارا قد تختلف عليها الأراء منهم من يقف بجانبها ويشجعها ويتحمس لها ومنهم من يحبطها ولكنها تبقى فى النهاية بصمات فى تاريخ الأدب
إنها بصمات أدبية
هو نجيب محفوظ بن عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد باشا. (11 ديسمبر 1911م - 30 أغسطس 2006م) اسمه المفرد مركب من اسمين تقديراً -من والده- للطبيب الراحل نجيب محفوظ الذى أشرف على ولادته. روائي مصري حائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988م. ولد في القاهرة، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة وتدرج بالوظائف الحكومية حتى عمل مديرا عاما للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959م. تعرض محفوظ للهجوم و االمنع من قبل بعض الإسلاميين المتطرفين الذين رأوا في كتاباته مساسا بالشخصيات الدينية، خصوصا بسبب روايته أولاد حارتنا التي منعت من الطبع في مصر حتى نهاية عام 2006، حيث يستخدم محفوظ الرموز الشعبية ليقدم شخصيات الانبياء. وتعرض إلى محاولة اغتيال فاشلة عام 1994. بدأ نجيب محفوظ بكتابة الرواية التاريخية ثم الرواية الأجتماعية. وتزيد مؤلفاته على 50 مؤلفاً. ترجمت معظم أعماله إلى العديد من اللغات العالمية وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الروايةعام 1959
(مشوار محفوظ)..................!
نجيب محفوظ من الشخصيات التي صنعت تاريخاً أدبياً لمصر وللعالم العربي، تاريخاً يمتد قرابة 68 عاماً منذ بداية كتابته للقصة القصيرة وانصرافه الى العمل الادبي بشكل شبه دائم، فلقد ولد محفوظ في القاهرة في حي الجمالية في 11 ديسمبر 1911، وامضى طفولته في العديد من الاحياء القديمة مثل العباسية والحسين والغورية والتي كان لها أثر على كتاباته الادبية، وقد عاش في جو أسري يسوده الحنان والاحترام، والده " عبد العزيز ابراهيم احمد الباشا"، ووالدته " فاطمة" ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الازهر، وكان شديد التعلق بوالدته خصوصا بعد وفاة والده وبقائه معها بعد زواج اخوته، و كانت والدته تزوده بالكتب النادرة من الازهر، وترافقه لزيارة الآثار المصرية القديمة ومشاهدة الموميات، و كان فارق السن بينه وبين أخوته له أثر على حياته العائلية والاجتماعية، فلعبت الصداقة دورا كبيرا في حياته للتعويض عن هذا الفارق.
بدأت رحلته مع التعليم عندما بلغ الرابعة من عمره في ذهابه الى "ُكتَاب الشيخ بحيري"، ومن ثم التحق بمدرسة بين القصرين الابتدائية، و حصل على شهادته الثانوية من مدرسة فؤاد الاول، وعلى ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة، وحصل بعدها على اجازة في الفلسفة عام 1934 وأثناء اعداد رسالة الماجستير كان لديه صراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وبين ميله الى الادب الذي نمى بعد قراءاته الكثيرة للعقاد وطه حسين، لذلك قرر فيما بعد ان يتفرغ تماماً للأدب، وقد بدأ محفوظ بنشر مقالات وابحاث فلسفية وهو في سن التاسعة عشر لمدة 15 عاماً، الى أن اختار الكتابة الادبية فبدأ بكتابة القصة القصيرة عام 36، ونشر اول قصة قصيرة له في المجلة الجديدة الاسبوعية وكانت بعنوان " ثمن الضعف". والجدير بالذكر أن العقاد وطه حسين اول من تنبأوا بتميز نجيب الادبي، فلقد كتب طه حسين مقالة عن رواية بين القصرين وقال فيها ان نجيب محفوظ سيكون له شأن كبير في المستقبل، كما تنبأ العقاد بفوز محفوظ بجائزة نوبل.
كان محفوظ شديد الاهتمام بالنواحي الفنية والتاريخية الأثرية، ولديه حب للقراءة والاطلاع، كان يقرأ الروايات البوليسية المترجمة وهو في سن العاشرة، وبدأ يقرأ الروايات الغرامية في سن الثالثة عشر، وفي مرحلة متقدمة من حياته كان يهتم بقراءة كتب السير والتراجم الخاصة بمؤسسي الدولة الاسلامية وقراءات في الفلسفة والتصوف، كما قرأ و تأثر ب بلزاك، البير كامي، فلوبير، تولستوي، زولا، مارسيل بروست.
عمل في العديد من الوظائف الرسمية ولكن العمل الذي انخرط فيه وسيطر على حياته هو الكتابة، فعمل سكرتيراً برلمانياً بوزارة الاوقاف من عام 38 حتى 45، ثم انتقل للعمل في مكتبة الغوري بالازهر، ثم مديرا لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الاوقاف وتدرج في مناصبه فعمل وزيرا لمكتب الارشاد، ومن ثم مديرا للرقابة على المصنفات الفنية في عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، وبين عامي 52- 59 كتب نجيب محفوظ عددا من السيناريوهات للسينما،ومن ثم عمل مديرا عاماً لمؤسسة دعم السينما، وبعدها مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والاذاعة والتلفزيون، ثم عين رئيسا لمجلس ادارة المؤسسة العامة للسينما الى ان أحيل الى التقاعد عام 1971، فانضم الى مؤسسة الاهرام وعمل بها كاتباً.
(محفوظ والطبقة المتوسطة)..............
كانت اهتماماته وكتاباته موجهة الى البسطاء، جسد هموم الناس واحلامهم، كانت اولى رواياته التي نشرها عن التاريخ الفرعوني ومن ثم بدأ يكتب الرواية الاجتماعية التي نقل فيها حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، وصور حياة الاسرة المصرية البسيطة، كما عبر عن هموم ومشاكل الانسان المصري البسيط، فكانت رواياته تتميز بالواقعية، وكان يعتبر ان الطبقة المتوسطة هي حجر الاساس للمجتمع المصري، فهي الاكثر تأثيراً وتأثراً بكل ما يحدث من تقلبات اجتماعية وسياسية واقتصادية، فخلال مشروعه الادبي لم يكتب الا عن الطبقة المتوسطة، وقد ظهرت موهبة محفوظ في ثلاثيته الشهيرة ( بين القصرين، قصر الشوق، والسكرية) وانتهى من كتابتها عام 52 ولم يستطع نشرها قبل عام 56 لضخامة حجمها، ولا نبالغ اذا قلنا انها أعظم عمل ادبي قام به نجيب محفوظ في الادب العربي في العصر الحديث، فقد ابدع في تصوير حياة ثلاثة أجيال في مصر، وهي جيل ما قبل ثورة 1919، وجيل الثورة، وجيل ما بعد الثورة، فتقرأ حياة هذه الاجيال التي تنتمي الى الطبقة المتوسطة من خلال قلم وفكر وابداع محفوظ، فنقل الصورة الحقيقية لافكارهم ومواقفهم من المرأة والعدالة الاجتماعية والقضايا الوطنية، بالاضافة الى الصورة التي قدمها عن عادات وتقاليد وثقافة هذه الاجيال.
(نجيب مصر المبدع)................!
معنى اسم نجيب كما ورد في المورد، النجيب هو المتفوق او النبيل، فهو اسم على مسمى، فالبرغم من ظروف حياته الاجتماعية التي عاشها بالاضافة الى ظروفه الصحية الا ان ذلك لم يقف حائلا في طريق ابداعه واستمرار حبه للقراءة والاطلاع، فبالرغم من ضعف بصره ورجفة يديه التي منعته من الامساك بالقلم، لا يزال يصر على الكتابة، ويساعده سكرتيره "الحاج صبري السيد" بالكتابة عن طريق الاملاء، بالاضافة الى أنه يقرأ له صحف الاهرام والاخبار والوفد وبعض المجلات، فهو يتصل بالعالم الخارجي من خلال بعض الاصدقاء الذين يلتقي بهم ويتناقش معهم بأمور الحياة.
فلقد تعرض نجيب محفوظ في عام 1994 لمحاولة اغتيال على يد شاب متشدد، والمفارقة هنا ان هذا الشاب لم يقرأ لمحفوظ على الاطلاق، وهذا الحادث أثر على قدرته على الكتابة وعلاقته بمتابعة امور الحياة، فقد صرح لجريدة الاهرام عام 2001 "انه منذ 8 سنوات لا يستطيع ان يقرأ مجلة او كتاب او صحيفة ولم يشاهد تلفزيون او سينما او مسرح"، كما ان هذا الحادث لم يثنيه عن الكتابة فكتب بعدها عن الذين كان لهم الدور الكبير في النهضة الادبية والفنية في العالم العربي مثل سيد درويش، الشيخ مصطفى عبد الرزاق، زكريا احمد، كما صرح في هذا اللقاء "لو عاد به الزمان الى بداياته لاختار ايضا ان يكون كاتباً".
(أعمال وارقام)......................!
في عام 78 بدأت الجامعة الامريكية في ترجمة اعمال محفوظ، واصبحت وكيلا لنشر اعماله المترجمة عام 85، نشرت اكثر من 400 طبعة من اعماله المترجمة .
بيع من اعماله المترجمة حسب ما يؤكد مسؤول النشر في الجامعة الاميركية اكثر من مليون نسخة في انحاء العالم.
الطبعات الاولى من اعمال محفوظ لم تكن تتعدى 5000 نسخة وبعد نوبل تجاوزت عشرات الالاف لكل طبعة.وتم ترجمتها الى 28 لغة آخرها الاندونيسية والالبانية.
طبعت الجامعة الامريكية مجلد يضم الثلاثية الشهيرة وهي الاكثر مبيعا بين اعماله ترجمت الى 13 لغة أخرى. زقاق المدق ترجمت الى 17 لغة.اللص والكلاب 11 لغة غير الانجليزية.ميرامار 10 لغات غير الانجليزية.
وصلت روايات محفوظ الى 35 رواية و15 مجموعة قصصية.
تعامل محفوظ مع ناشر واحد وهو سعيد جودة السحار صاحب دار مصر للطباعة التي طبعت جميع اعمال محفوظ باستثناء رواية اولاد حارتنا التي نشرتها دار الاداب بسبب منعها في مصر.الذي صرح ان اكثر كتب محفوظ مبيعا هي الثلاثية التي طبع منها 22 طبعة، تليها الحرافيش، بداية ونهاية، القاهرة الجديدة، اللص والكلاب، زقاق المدق.
حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 1959
اهدته الجامعة الامريكية الدكتوراة الفخرية عام 1995، والعضوية الشرفية للاكاديمية الامريكية للادب عام 92.
ترجمت العديد من اعماله الى لغات مختلفة مثل الانجليزية والفرنسية بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 88 التي حصل عليها عن رواية " أولاد حارتنا"، وتسلمت ابنتا محفوظ الجائزة نيابة عنه.
(احلام فترة النقاهة)..............!
أخر أعمال الاديب العالمي نجيب محفوظ كتاب "أحلام فترة النقاهة" الصادر عن دار الشروق لعام 2005، من تاليف محفوظ، واعداد وتقديم الصحفية سناء البيسي، يحتوي الكتاب على 146 حلم، عبر عنها بكلمات بسيطة، عميقة مؤثرة، وتجسد رؤيته لما يحدث حولنا، وتقرأ بين السطور رسائل الى كيفية النهوض بالمجتمع، وقد عبرت السيدة سناء عن ابداع محفوظ بمقدمة رائعة وكلمات مؤثرة منها "شباب قلمك يذهلنا، فحولتك الادبية لا تجاريها فوارس الاقلام، جملتك اللغوية تراكيبها نجيبة محفوظة بالعناية السامقة" .
الكتابة عن نجيب محفوظ لا تنتهي، وعند الكتابة لا يسع اي كاتب الا ان يصفه بعدة صفات والقاب لتميزه وتميز ادبه مثل، الروائي العالمي، رائد الرواية العربية، أمير وفارس الرواية، علم من اعلام الادب العربي، اول عربي يحصل على جائزة نوبل، علامة حاسمة في تاريخ الكتابة العربية، نقطة مضيئة في تاريخ الادب العالمي، نجيب محفوظ فخرنا، نجيب محفوظ يكبر ولا يشيخ، نجيب محفوظ الابداع المتجدد، كتاباته تملك القدرة على النفاذ الى الانسان في كل مكان، كتاباته تجعلك تزداد معرفة بنفسك اولا كانسان ومن ثم تزداد معرفة ببلدك.
ومن أجمل ما كتب "ان الجوائز لا تشرف الرجال .. ولكن الرجال هم الذين يشرفون الجوائز، فاذا كانت نوبل قد اعطت نجيب محفوظ حفنة من المال، فانه قد اعطاها من فنه مالا بقدر مال".
--------------------------------------------------------------------------------
" ويضيقُ الصدر بأي حكمة الا حكمة تنعي جميع الحكم ، فليذهب العذاب المتراجع أمام السحر الى غير رجعة .. وعندما نهاجر الى القمر سنكون اول مهاجرين يهاجرون هربا من لا شئ الى لا شئ .. فواحسرتاه على نسيج العنكبوت الذي غنى ذات مساء في قريتنا مع نقيق الضفادع "
--------------------------------------------------------------------------------
".. ذلك أن الفلسفات قصور جميلة هائلة لكنها لا تصلح للسكنى .. "
--------------------------------------------------------------------------------
" ... في كوخ عم عبده شئ لا يتغير حقاً .. هو الخلاء "
(وفاتة)............!
توفي في الثامنة وخمس دقائق من صباح الأربعاء 30 أغسطس 2006 م في مستشفى الشرطة بحي العجوزة وسط القاهرة وذكر مصدر طبي أن محفوظ توفي في وحدة العناية المركزة جراء قرحة نازفة بعدما أصيب بهبوط مفاجئ في ضغط الدم وفشل كلوي. وكان قد أدخل في يوليو 2005 المستشفى ذاته إثر سقوطه في الشارع وإصابته بجرح غائر في الرأس تطلب جراحة فورية. وظل نجيب محفوظ حتى أيامه الأخيرة حريصا على برنامجه اليومي في الالتقاء بأصدقائه في بعض فنادق القاهرة، حيث كانوا يقرؤون له عناوين الأخبار ويستمعون إلى تعليقاته على الأحداث........