((المطبعة الكاثوليكية-بيروت-لبنان)).
"ألف ليلة وليلة" ، "قصة عنترة" ، "سيرة الزير" كانت أكثر المؤلفات رواجاً عند القارئ العربي ، في العصور السعيدة الغابرة….
وقد تكون (( ألف ليلة وليلة )) في طليعتها جميعاً . وهي إن لم تكن أوسعها انتشاراً فقد كانت ،ولا شك ، أبلغها أثراً في نفوس الناس. لأن حكمتها ما برحت في حكمة العامة وبعض الخاصة المثقفين ، ولأن أخبارها ما زالت في أخبارهم ، وأسماء أبطالها صارت أسماء أشخاص في عائلاتهم ، وبعض قوالب كلامهم . حتى بات لبعض العامة أسلوب في النهج والتعبير يذكر عن قرب ، بما في ((ألف ليلة وليلة)) من أساليب منوعة في النهج والتعبير ، على نحو ما صبغت "كليلة ودمنة" أساليب كثيرة من أساليب الكتّاب والأدباء…
ويكفي , في التدليل على سعة انتشار (( ألف ليلة وليلة )) أن تهافت على نشرها أولى المطابع العربية في كلكوتا ، والقاهرة ، وبغداد ، ودمشق ، وبيروت ، وأنها لا تزال في طلاب دور النشر الحديثة ، ثم كانت أسبق المؤلفات العربية ، نقلاً إلى لغات الفرنجة ، فعرفت لها منذ ما يزيد على المائة سنة ، ترجمات عديدة ، أهمها الفرنسية والإنجليزية ، فكانت مطلاً في أوائل المطلات للغرب على الشرق…
وقد ساعدت الطبعة التي هذبها ، ووقف عليها ، الأب أنطوان صالحاني ،اليسوعي، بما بذل فيها من جهد وخصها من إتقان ، على توسيع مدى هذا الانتشار بحيث فتحت في وجهها ، على يده ، أبواب البيوت والمدارس ، التي كانت موصدة دونها من قبل…
وإنه في سبيل مواصلة الخدمة وأداء رسالة النشر والتعميم ، صار التفكير بإنفاذ هذه الطبعة الرابعة إلى السوق ، في إخراج متقن وتبويب واضح ، وحرف أنيق يجد فيها القارئ كتاباً أفضل ما في المكتبة العربية ، ومن أرخم ما تقع عليه العين، موزعة أخباره إلى قصص تحمل كل واحدة منها عنوانها المستقل ، وموزعة هي إلى ليال يعاد ذكرها ، كما يعاد ذكر العناوين ، في كل صفحة من صفحات الكتاب ، على زخرفة وبروز….
وإن أول ما يجب الالتفات إليه ، في مستهل الكتاب الأول ، أن طبعتنا الرابعة جرياً على نهج نهجناه في الثلاث السابقات ، لا تزعم لنفسها غير ما هي في الواقع ، فالناشر لم يتوخّ أن يدفع إلى القارئ طبعة علمية يتحرى فيها الأصل الأول ، يقابل بين أقدم المخطوطات وأحدثها عهداً ، ثم يرجح في الصحة والأصالة بين نص ونص فيعتمد الأقرب إلى الأصل ، معلقاً الحواشي ، مشيراً إلى المباينات ، ذاهباً في شرحها المذاهب على طريقة أهل العلم والتنقيب . إن هي طبعة شعبية ، يضعها الناشر بين أيدي القراء في النص الأنسب والأكثر تهذيباً والأسلس سياقاً ، والأوفر طلاوة ، ذلك النص الذي حفيت نواتئه من وفرة التداول والاستعمال ، مستعيناً على أمره أشهر المخطوطات ، وأولى الطبعات المعروفة ، أخصها طبعة كلكوتا وبولاق….
……وبعد فإن أسبق ما يسبق إلى بال القارئ ، قبل أن يهمّ بقراءة "ألف ليلة وليلة" أو بعد أن يطرحها من يده ، معرفة : ….من هو واضع الكتاب ؟؟؟ وفي أي زمن وضع…؟؟؟ وكيف أعطي له اسمه!!!! وما هي سيرة الكتاب…..ومن أين أخذ القالب الذي سبك فيه….!!! وما هي حقيقة "ألف ليلة وليلة"؟؟؟ ….وهو ما يحملنا على معاقبة الكلام في كل ذلك …مسترشدين اراء السابقين ، مستهدين بدراساتهم **((أخصها جميعاً كتاب Nikita Elisséeff – Thémes et Motifs des Mille et une Nuits ، الذي تولى نشره المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية ، 1949 . وقد كان طريقنا المنورة إلى دنيا "ألف ليلة وليلة" ))...ومستعينين بالله ....وهو نعم الوكيل.